زيت الزيتون ليس مجرد زيت نباتي يُستعمل في الطهي، بل هو إرث حضاري وإنساني ارتبط بالبحر الأبيض المتوسط منذ آلاف السنين. ذكره القرآن الكريم، واعتبرته الحضارات القديمة رمزاً للخصوبة والصحة والخلود. لكن مع انتشار الثقافة الصحية الحديثة وتزايد الاهتمام بـ”الأطعمة الخارقة” أو ما يُسمى بـ superfoods، صار شرب زيت الزيتون على الريق عادة شائعة عند كثيرين يعتقدون أنها وصفة سحرية للوقاية من الأمراض أو لتطهير الجسم أو حتى لإنقاص الوزن.
| العنوان | التفاصيل |
|---|---|
| القيمة الغذائية لزيت الزيتون | غني بالدهون الأحادية غير المشبعة، مضادات الأكسدة، وفيتامينات E وK، والسعرات الحرارية العالية. |
| تناول زيت الزيتون على الريق | يشرب مباشرة بعد الاستيقاظ على معدة فارغة، مما يسبب سرعة في الامتصاص. |
| الأضرار المحتملة | اضطرابات الجهاز الهضمي، زيادة الوزن، تأثير سلبي على مرضى السكري، تهيّج المرارة، تفاعل مع الأدوية. |
| الجرعة والكمية الآمنة | تناول كميات صغيرة مثل ملعقة صغيرة مقبول، ولكن كميات أكبر قد تسبب مشاكل. |
| مقارنة تناوله على الريق وضمن الوجبات | تأثير مختلف عند تناوله مع وجبة غذائية، حيث يقل الامتصاص السريع، ويزيد من امتصاص الفيتامينات. |
| زيت الزيتون والليمون | خلطهما قد يسبب مشاكل لبعض الأشخاص، لا توجد أدلة علمية قوية على فوائدهما المشتركة. |
| الفئات الأكثر عرضة للأضرار | مرضى السكري، الكبد، المرارة، والحالات الصحية الخاصة مثل ارتجاع المريء. |
| آراء الدراسات الحديثة | شرب زيت الزيتون منفرداً لا يضيف فوائد مثبتة إضافية مقارنة بتناوله مع الطعام. |
| الفوائد الصحية العامة | يحمي القلب، يعزز المناعة ويقاوم الالتهابات، يحسن صحة الجلد والشعر، يُستخدم بشكلٍ معتدل لفوائد كبيرة. |
| نصائح عملية | استهلاك لا يتجاوز ملعقتين كبيرتين يومياً، يُستهلك مع الطعام، تجنب الإفراط في تناوله على معدة فارغة. |
غير أن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو: هل هذه العادة آمنة للجميع حقاً؟ وهل يمكن أن تحمل أضراراً خفية؟
المقال التالي يجيب بتفصيل علمي مبسط على هذه الأسئلة، من خلال استعراض القيمة الغذائية، المنافع، ثم التركيز على الأضرار المحتملة لشرب زيت الزيتون على الريق مع ذكر الحالات التي قد تتأثر سلباً، وصولاً إلى نصائح عملية تساعد القارئ على الاستفادة من هذا الزيت الثمين من دون مخاطر.

فهرست محتوا
Toggleأولاً: القيمة الغذائية لزيت الزيتون
قبل مناقشة الأضرار، لا بد من فهم تركيبة هذا الزيت الفريد:
- الدهون الأحادية غير المشبعة: تشكّل نحو 70% من محتواه، وأبرزها حمض الأولييك. هذا النوع من الدهون يُعتبر صحياً لأنه يقلّل من مستويات الكوليسترول الضار LDL ويزيد الكوليسترول النافع HDL، ما ينعكس إيجاباً على صحة القلب والأوعية الدموية.
- مضادات الأكسدة الطبيعية: مثل البوليفينولات والفلافونويدات، وهي مركبات نباتية تملك خصائص مضادة للالتهاب وتساعد في حماية الخلايا من التلف الناجم عن الجذور الحرة. هذه المواد تحمي الجسم على المدى الطويل من الأمراض المزمنة مثل السرطان وتصلب الشرايين.
- الفيتامينات الذائبة في الدهون:
- فيتامين E: مهم لصحة الجلد، الشعر، وحماية الخلايا من الأكسدة.
- فيتامين K: ضروري لتخثّر الدم وصحة العظام.
- كما يحتوي على كميات صغيرة من فيتامين A وD.
- فيتامين E: مهم لصحة الجلد، الشعر، وحماية الخلايا من الأكسدة.
- السعرات الحرارية العالية: كل 100 غرام من زيت الزيتون تحتوي على حوالي 884 سعراً حرارياً. وهذا يعني أن ملعقة كبيرة (15 مل) تقدّم نحو 120 سعراً، وملعقتان تعطيان 240 سعراً، أي ما يعادل وجبة خفيفة كاملة.
هذه المكونات تجعل زيت الزيتون غذاءً عالي القيمة، لكن في الوقت نفسه، استهلاكه بطريقة غير محسوبة (خصوصاً على معدة فارغة) قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
لمعرفة الفوائد العامة لزيت الزيتون، يمكنك قراءة مقالنا حول فوائد زيت الزيتون للصحة والجمال على موقع دولفين أوليف.
ثانياً: ماذا يعني تناول زيت الزيتون على الريق؟
تناول زيت الزيتون “على الريق” يعني شربه مباشرة بعد الاستيقاظ من النوم، قبل إدخال أي طعام أو شراب آخر إلى المعدة. هذه العادة تجعل الزيت يدخل إلى الجهاز الهضمي في ظروف خاصة:
- المعدة تكون فارغة، وحمض المعدة في أدنى مستوياته. أي مادة دهنية تدخل في هذه اللحظة ستمتص بسرعة أكبر مقارنة مع وقت تناوله مع الطعام.
- الأمعاء الدقيقة تكون جاهزة للامتصاص المباشر، مما يضاعف سرعة وصول الأحماض الدهنية إلى الدم.
- غياب الألياف والبروتينات التي عادةً ما تبطئ عملية الامتصاص، يجعل التأثير أكثر حدة وأوضح على الجسم.
من هنا يمكن تفسير سبب أن بعض الأشخاص يشعرون بالنشاط بعد شرب ملعقة زيت زيتون صباحاً، بينما يعاني آخرون من الغثيان أو حتى الإسهال.

ثالثاً: الأضرار المحتملة لزيت الزيتون على الريق
1. اضطرابات الجهاز الهضمي
من أبرز الأضرار وأكثرها شيوعاً:
- الإسهال: زيت الزيتون له تأثير ملين طبيعي، إذ يحفّز حركة الأمعاء ويزيد إفراز العصارات الصفراوية. لذلك، تناوله بكميات كبيرة على معدة فارغة قد يؤدي إلى إسهال متكرر، خصوصاً عند من لديهم جهاز هضمي حساس.
- الغثيان والانتفاخ: البعض يشعر بثقل أو رغبة في القيء بعد شربه، بسبب دخول كمية مركزة من الدهون في وقت تكون فيه المعدة غير مستعدة.
- زيادة الحموضة أو حرقة المعدة: عند مرضى ارتجاع المريء، قد يؤدي الزيت إلى تفاقم الأعراض عبر إرخاء الصمام الفاصل بين المعدة والمريء، ما يسمح بارتداد الحمض.
إذا كنت مهتمًا بتأثير الزيت على المعدة والجهاز الهضمي، اطلع على مقالنا عن فوائد زيت الزيتون للمعدة والجهاز الهضمي.
2. زيادة السعرات الحرارية والوزن
الكثير يظن أن شرب زيت الزيتون على الريق يساعد في إنقاص الوزن، لكن الحقيقة أن الزيت غني بالسعرات الحرارية. ملعقتان كبيرتان صباحاً تعنيان إدخال 240 سعراً حرارياً من الدهون النقية، أي ما يعادل تقريباً نصف وجبة غذائية.
- عند أشخاص لا يضبطون حميتهم، قد يترتب على هذه العادة زيادة في الوزن على المدى الطويل.
- إضافة الدهون في الصباح بلا توازن غذائي قد يدفع الجسم لتخزينها بدلاً من حرقها.
3. تأثير سلبي على مرضى السكري
رغم أن الدراسات تشير إلى أن الدهون الأحادية مفيدة لتحسين حساسية الأنسولين، إلا أن شرب زيت الزيتون على الريق قد يكون سلاحاً ذا حدين:
- الزيت يبطئ تفريغ المعدة، وهذا قد يؤدي إلى تقلبات في مستوى سكر الدم.
- عند بعض مرضى السكري، قد يظهر ارتفاع في سكر الدم بعد ساعات بسبب غياب التوازن الغذائي.
لذلك يُفضّل أن يدمج زيت الزيتون مع أطعمة أخرى غنية بالبروتين أو الألياف لتجنب هذه المشكلة.
4. تهيّج المرارة وزيادة خطر المغص الصفراوي
من المعروف أن الدهون (بما فيها زيت الزيتون) تحفّز انقباض المرارة لإفراز العصارة الصفراوية التي تساعد في هضمها.
- إذا كان الشخص يعاني من حصوات في المرارة، فإن هذا الانقباض المفاجئ قد يحرك الحصاة ويسبب مغصاً صفراوياً شديداً.
- في الحالات الحادة، قد يؤدي ذلك إلى انسداد في القنوات المرارية، وهي حالة طبية طارئة.
للمزيد من النصائح الغذائية والاستخدامات اليومية، ننصحك بقراءة موضوعنا عن زيت الزيتون في الطعام وفوائده التغذوية.
5. التفاعل مع الأدوية
زيت الزيتون غني بفيتامين K، وهذا قد يؤثر على فعالية أدوية مميّعات الدم مثل الوارفارين.
- الإفراط في استهلاكه قد يقلّل من فعالية الدواء ويزيد خطر الجلطات.
- لذلك على المرضى استشارة الطبيب قبل اعتماد هذه العادة يومياً.

رابعاً: هل الأضرار مرتبطة بالكمية؟
من المهم أن ندرك أن زيت الزيتون، شأنه شأن أي غذاء آخر، قد يكون نافعاً أو ضاراً تبعاً للكمية المستهلكة. فالكميات الصغيرة جداً، مثل ملعقة صغيرة تعادل نحو خمسة مليلترات فقط، عادةً ما تكون مقبولة ولا تسبّب أي أضرار واضحة عند معظم الناس. بل على العكس، قد تمنح الجسم دفعة سريعة من الطاقة والدهون الصحية التي يحتاجها الدماغ والعضلات في بداية النهار، من دون أن تُرهق المعدة أو تسبب اضطرابات هضمية.
لكن عند الانتقال إلى كمية أكبر، مثل ملعقة كبيرة تعادل خمسة عشر مليلتر تقريباً، تبدأ الأمور في التباين بين الأشخاص. فالبعض يتقبل هذه الجرعة بسهولة ولا يشعر بأي انزعاج، بينما قد يعاني آخرون من شعور بالثقل أو الغثيان، وربما حتى من إسهال خفيف. وهذا التفاوت راجع إلى اختلاف طبيعة كل جهاز هضمي واستجابته للدهون المركزة على معدة فارغة.
أما عند تناول أكثر من ملعقتين كبيرتين على الريق، أي ما يعادل ثلاثين مليلتراً أو أكثر دفعة واحدة، فإن احتمال ظهور الأضرار يرتفع بشكل واضح. هنا يصبح خطر الإصابة بالإسهال ملحوظاً، وقد يترافق مع تقلصات في المعدة أو شعور بالانتفاخ وعدم الارتياح. كما أن إدخال هذه الكمية الكبيرة من السعرات الحرارية في بداية اليوم يزيد من احتمال تراكمها على شكل دهون مخزّنة، خصوصاً إذا لم يقم الشخص بحرقها عبر النشاط البدني أو إذا كانت وجباته اللاحقة غنية بالسعرات أصلاً.
يتبين لنا إذن أن الأضرار المحتملة ليست مطلقة أو ثابتة عند جميع الناس، وإنما ترتبط أساساً بجرعة الزيت المتناولة، وبمدى ملاءمة هذه الجرعة لطبيعة الجسم وحالته الصحية. لذلك، فإن قاعدة الاعتدال تظل هي الأساس، فكما أن القليل قد يكون مفيداً، فإن الكثير قد يتحول إلى عبء ثقيل على المعدة والكبد والجسم عموماً.
“Eating a high-fat diet containing a large amount of oleic acid – a type of fatty acid commonly found in olive oil – could drive obesity more than other types of dietary fats … the study found that oleic acid … causes the body to make more fat cells.”
🔗 الرابط: https://www.ouhsc.edu/news/details/new-research-shows-excessive-oleic-acid-found-in-olive-oil-drives-fat-cell-growthالترجمة العربية:
«إنّ تناول نظامٍ غذائيٍّ غنيّ بالدهون ويحتوي على كميات كبيرة من حمض الأولييك — وهو نوع من الأحماض الدهنية يوجد عادة في زيت الزيتون — قد يؤدي إلى السمنة أكثر من أنواع الدهون الأخرى … وقد وجدت الدراسة أنّ حمض الأولييك يجعل الجسم يُنتج المزيد من الخلايا الدهنية.»
خامساً: مقارنة بين تناوله على الريق وضمن الوجبات
شرب زيت الزيتون على معدة فارغة يختلف تماماً عن استهلاكه ضمن وجبة غذائية متكاملة. فعندما يُتناول على الريق، تكون المعدة فارغة تماماً، ويصل الزيت مباشرة إلى الأمعاء حيث يُمتص بسرعة عالية. هذه السرعة في الامتصاص تجعل تأثيره على الجهاز الهضمي أكثر وضوحاً، وتزيد احتمالية حدوث اضطرابات مثل الإسهال أو الغثيان أو حتى الحموضة. البعض قد يصف شعوراً بالنشاط بعد تناوله، لكنه في الحقيقة قد يكون انعكاساً لتأثير مباشر للدهون على إفراز العصارة الصفراوية وحركة الأمعاء، وليس بالضرورة دليلاً على فائدة خاصة.
في المقابل، عندما يدخل زيت الزيتون ضمن وجبة طعام، يتغير المشهد كلياً. فالمعدة تحتوي على عناصر غذائية أخرى مثل البروتينات والكربوهيدرات والألياف، وهذه العناصر تعمل على إبطاء عملية الامتصاص، مما يمنح الجسم وقتاً كافياً للتعامل مع الدهون وتوزيعها بطريقة أكثر سلاسة. إضافة إلى ذلك، فإن وجود الزيت مع الطعام يعزز امتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون مثل فيتامينات A وD وE وK، وهي فيتامينات أساسية لصحة الجسم لا يستفيد منها الإنسان إلا بوجود وسط دهني.
كثير من خبراء التغذية يؤكدون أن الفوائد الحقيقية لزيت الزيتون تظهر عندما يكون جزءاً من نظام غذائي متوازن، مثل إضافته إلى السلطة أو طبخه مع الخضار أو تناوله مع الخبز الأسمر. في هذه الحالة، لا يقتصر دوره على تزويد الجسم بالدهون الصحية، بل يساعد أيضاً على رفع القيمة الغذائية الكلية للوجبة، ويعطي إحساساً أطول بالشبع من دون آثار جانبية قوية. ولهذا السبب، فإن معظم المختصين ينصحون بتجنّب شربه منفرداً صباحاً، والحرص على دمجه مع الطعام لتحقيق الاستفادة القصوى وتقليل المخاطر.
سادساً: زيت الزيتون والليمون على الريق
من أكثر الوصفات الشعبية انتشاراً في العالم العربي أن يمزج الناس بين زيت الزيتون وعصير الليمون الطازج ويشربونه صباحاً على الريق. يقال إن هذا الخليط يساعد على “تنظيف الكبد” أو “إذابة الدهون” أو حتى “إخراج السموم من الجسم”. لكن الطب الحديث ينظر إلى هذه الادعاءات بعين الحذر، إذ لا توجد أي أدلة علمية قوية تؤكد أن هذا الخليط يؤدي فعلاً إلى تطهير الكبد. فالكبد عضو معقد يمتلك آليات طبيعية متطورة لتنقية الدم من السموم، ولا يحتاج إلى وصفات منزلية لتأدية وظيفته.
أما من الناحية الكيميائية، فإن إضافة عصير الليمون إلى زيت الزيتون تعني مزج مادة حمضية قوية بمادة دهنية مركزة. هذا المزيج قد يكون محتملاً عند بعض الأشخاص الذين يملكون معدة قوية، لكن عند آخرين، وخاصة ممن يعانون من الحموضة أو القرحة المعدية، قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض بشكل مزعج. فالليمون يزيد من إفراز الحمض المعدي، وزيت الزيتون بدوره يبطئ تفريغ المعدة، والنتيجة قد تكون شعوراً بالحرقة أو آلاماً في البطن أو حتى غثياناً حاداً.
لا يعني هذا أن الخليط يخلو تماماً من الفوائد، إذ قد يساعد لدى بعض الأشخاص على تحسين حركة الأمعاء وتنشيط الهضم، خصوصاً إذا استُهلك بكمية صغيرة جداً. لكن اعتباره علاجاً سحرياً أو بديلاً طبياً مسألة بعيدة عن الحقيقة. فالاستفادة من هذا المزيج تظل محدودة ومشروطة بطبيعة الجسم، بينما مخاطرته قد تكون ملموسة عند فئات معينة. لذلك، فإن الحكمة تقتضي الحذر، وعدم الانسياق وراء الوصفات المنتشرة من دون استشارة طبية أو تجربة حذرة ومدروسة.
سابعاً: الفئات الأكثر عرضة للأضرار
ليس جميع الناس سواء في قدرتهم على تحمل شرب زيت الزيتون على الريق. هناك فئات محددة تكون أكثر عرضة للتأثر السلبي. على سبيل المثال، مرضى السكري قد يواجهون مشكلة في تذبذب مستويات السكر في الدم نتيجة بطء تفريغ المعدة وزيادة امتصاص الدهون، وهو ما قد يؤدي إلى صعوبة في ضبط معدلات الغلوكوز لديهم. كذلك الحال بالنسبة لمرضى الكبد أو المرارة، إذ أن الزيت يحفز انقباض المرارة لإفراز العصارة الصفراوية، مما قد يسبب نوبات مغص مؤلمة أو يحرك حصوات كامنة، وهو أمر خطير في بعض الحالات.
أما الأشخاص الذين يعانون من ارتجاع المريء أو القرحة المعدية، فإن شرب الزيت على الريق يزيد الطين بلة، إذ يضاعف من إفراز الحمض المعدي ويسمح بارتجاعه إلى المريء، فيشعر المريض بحرقة قوية وألم مزعج في أعلى البطن والصدر. حتى أولئك الذين يتبعون حمية غذائية لإنقاص الوزن قد يقعون في فخ غير محسوب، إذ إنهم يضيفون مئات السعرات الحرارية إلى نظامهم من دون أن يدركوا، مما قد يعرقل جهودهم ويؤدي إلى نتائج عكسية.
وبناءً على ذلك، فإن هذه الفئات مطالبة بدرجة أعلى من الحذر والوعي. فإذا أراد أحدهم إدخال زيت الزيتون إلى نظامه الغذائي، فالأفضل أن يكون ذلك بكميات معتدلة ومع الطعام، وليس عبر شربه منفرداً صباحاً.

ثامناً: آراء الدراسات الحديثة
البحث العلمي في السنوات الأخيرة حاول التحقق من صحة الادعاءات الشعبية المرتبطة بشرب زيت الزيتون على الريق. إحدى الدراسات الإكلينيكية التي أُجريت عام 2020 بيّنت أن إدخال زيت الزيتون كجزء من وجبة متكاملة يحقق فوائد أوضح لصحة القلب والأوعية الدموية مقارنة بشربه منفرداً. الدراسة خلصت إلى أن التفاعل بين مكونات الوجبة والزيت هو ما يمنح التأثير الإيجابي، وليس الزيت وحده.
دراسات أخرى تناولت تأثير زيت الزيتون على صحة الأمعاء والميكروبيوم، أي البكتيريا النافعة التي تعيش داخل الجهاز الهضمي. النتائج أشارت إلى أن استهلاكه المنتظم يساعد في تحسين توازن هذه البكتيريا، وهو ما ينعكس إيجاباً على المناعة والهضم. لكن اللافت أن معظم هذه الفوائد ظهرت عندما تم تناوله مع الطعام، ولم تُثبت الدراسات أن شربه على الريق يضيف مزايا خاصة.
حتى الآن، لا توجد أي دراسة علمية قاطعة تثبت أن شرب زيت الزيتون صباحاً يمنح الجسم فوائد إضافية مقارنة بتناوله في أي وقت آخر من اليوم. وهذا يعني أن الفوائد الكبيرة المنسوبة لهذه العادة قد تكون أقرب إلى الانطباعات الشخصية أو الاعتقادات الشعبية أكثر من كونها حقائق مثبتة.
تاسعاً: الفوائد لا تُلغى
رغم كل ما سبق من تحذيرات حول الأضرار المحتملة، فإن هذا لا يقلل من مكانة زيت الزيتون كأحد أفضل الزيوت النباتية وأكثرها فائدة. فهو يظل غنياً بالدهون الصحية التي تحمي القلب من الأمراض وتقلل من تراكم الكوليسترول الضار. كما أن مضادات الأكسدة الموجودة فيه تساهم في تعزيز المناعة ومكافحة الالتهابات المزمنة، وهو ما يجعل الجسم أكثر مقاومة للأمراض مع مرور الوقت.
كذلك لا يمكن إغفال دوره في تحسين صحة الجلد والشعر، إذ يمنح البشرة ترطيباً ومرونة، ويحافظ على لمعان الشعر وقوته. أما على صعيد الجهاز الهضمي، فإن وجوده بانتظام في النظام الغذائي يساعد على تليين الأمعاء ومنع الإمساك، لكن ذلك عندما يكون في إطار اعتدال وليس عبر الإفراط.
من المهم أن نتذكر أن الفوائد تتحقق فقط عندما يكون الاستهلاك منتظماً وبكميات معتدلة، بحيث لا تتجاوز الجرعة اليومية الموصى بها من ملعقتين إلى ثلاث ملاعق كبيرة موزعة على الوجبات. أما الاعتماد على شرب الزيت بكميات كبيرة وعلى معدة فارغة، فذلك لا يزيد الفوائد، بل قد يحوّلها إلى أضرار. في النهاية، التوازن هو كلمة السر، والوعي هو ما يحمي الإنسان من أن يتحول الغذاء النافع إلى عبء يرهق جسمه بدل أن يقويه.
عاشراً: نصائح عملية للاستفادة من زيت الزيتون بأمان
- اجعل استهلاكك اليومي لا يتجاوز ملعقتين كبيرتين.
- الأفضل أن يُستهلك مع الطعام (سلطات، خبز أسمر، أطباق نباتية) بدل شربه وحده.
- إذا رغبت بتجربته على الريق، جرب ملعقة صغيرة فقط وراقب رد فعل جسمك.
- توقف فوراً إذا لاحظت إسهالاً أو غثياناً أو حرقة معدة.
- إذا كنت تتناول أدوية مميعة للدم أو لديك أمراض مزمنة، استشر طبيبك قبل اعتماد هذه العادة.
خاتمة
زيت الزيتون “ذهب سائل” حقيقي للصحة، لكن تناوله على الريق ليس وصفة سحرية كما يروّج لها البعض. الأضرار قد تظهر على شكل اضطرابات هضمية، زيادة وزن غير مرغوب بها، أو تفاقم بعض الحالات الصحية الخاصة.
القاعدة الذهبية: الاعتدال والوعي. فكما أن الإفراط في أي غذاء صحي قد يحوله إلى عبء، فإن تناول زيت الزيتون يجب أن يكون ضمن إطار غذاء متوازن ومدروس، لا مجرد عادة شعبية غير مفهومة الأسس.